بُشِّروا به (١)، فالنصارى آمنوا بمسيح لا وجود له، واليهود ينتظرون المسيح الدجال!
٥ - من عادة أهل الكتاب، سلفًا وخلفًا، أنهم يترجمون -غالبًا- الأسماء في تراجمهم ويوردون بدلها معانيها، وتارة يزيدون شيئًا بطريق التفسير في الكلام، دون إشارة إلى هذه الزيادة. وهذا يجعل الأسماء المترجمة محرفة وغامضة، وفي كتبهم شواهد كثيرة على ذلك، فلا عجب، إذن، أن يحرفوا ويبدلوا اسم النبي محمد ﷺ، بلفظ آخر، بحيث يخل ذلك بالاستدلال، جريًا على عادتهم السالفة وعنادًا وجحودًا.
ولذلك لم تكن النسخ المتداولة لكتبهم متفقة، إذ قد يوجد في نسخة ما لا يوجد في غيرها، ومن هنا نجد نقولات من تراجم كتبهم التي كانت متداولة في العصور السالفة، نقلها علماء أعلام من المسلمين ليحاجّوا أهل الكتاب، قد لا نجدها موافقة في بعض الألفاظ أو في كثير منها للتراجم المشهورة الآن، بسبب ذلك التغيير في الترجمة والتحريف فيها.
فمثلًا، ناقش الإمام ابن حزم النصارى ونقل نصوصًا كثيرة عنهم من الأناجيل، في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنِّحل". ليبين تضاربها وتناقضها مع بعضها، وكذلك فعل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، والإمام الغزالي والقرطبي، وأبو عبيدة الخزرجي، وغيرهم من العلماء، نقلوا نصوصًا من كتب النصارى قد لا نجدها موافقة في ألفاظها للإنجيل الموجود عندهم حاليًا وبالطبع لو أن أحدًا من أولئك العلماء المسلمين قد غيّر أو كذب فيما نقل لبيّن النصارى
(١) هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن القيم ص (٣٨٤).