للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ما عند اليهود، وهم شيوخكم في نقل الصَّلْب وأمره، وإلا فمن المعلوم: أنَّه لم يحضُرْه أحد من النصارى، وإنما حضره (١) اليهود، وقالوا: قتلناه وصَلَبْنَاه، وهم الذين قالوا فيه ما حكيناه عنهم، فإنْ صدَّقْتُموهم في الصَّلْب فَصَدِّقُوهم في سائر ما ذكروه، وإن كذَّبْتُموهم فيما نَقَلُوه عنه فما الموجب لتصديقِهم في الصَّلْب وتكذيبِ أصْدَقِ الصَّادقين الذي قامت البراهينُ القطعيَّة على صِدْقه أنهم ما قتلوه وما صلبوه، بل صانه الله وحماه وحفظه، وكان أكرم على الله وأوْجَهَ عنده من أن يَبْتَلِيَه بما تقولون أنتم واليهود.

وأما خبر ما عندكم أنتم؛ فلا نعلم أمةً من الأمم (٢) أشدَّ اختلافًا في معبودها ونبيِّها ودينها منكم. فلو سألتَ الرَّجلَ وامرأتَه وابنته وأمَّه وأباه عن دينهم لأجابك كل منهم بغير جواب الآخر.

ولو اجتمع عشرة منهم يتذاكرون الدِّين لتفرَّقوا عن أحدَ عَشَر مذهبًا مع اتِّفاق فِرَقِهمُ المشهورةِ (٣) اليومَ على القول بالتثليث وعبادة الصليب، وأنَّ المسيح ابنَ مريمَ ليس بعبد صالح ولا نبيٍّ ولا رسولٍ، وأنه إلهٌ في الحقيقة، وأنه هو خالق السموات والأرض والملائكة والنبيِّيْن، وأنه هو الذي أَرْسَل الرُّسل، وأظهر على أيديهم المعجزات والآيات، وأنَّ للعالم إلهًا هو أبٌ والدٌ لم يزل، وأنَّ ابنه نزل من السماء وتجسَّم من روح القُدُس ومن مريم، وصار هو وابنها النَّاسُوتِيُّ (٤) إلهًا واحدًا، ومسيحًا


(١) في "د": "حضرهم".
(٢) ساقط من "ب، غ، ص".
(٣) في "غ، ص": "المشهودة".
(٤) في "ج": "السوي".

<<  <  ج: ص:  >  >>