للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٥٦ - ١٥٨].

وقد اخْتُلِف في معنى قوله: ﴿وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾. (فقيل: المعنى ولكن شُبِّه للذين صلبوه بأن ألقي شبهه على غيره فَصَلَبوا الشَّبَهَ.

وقيل: المعنى) (١) ولكن شُبِّه للنَّصارى، أي: حصلت لهم الشبهة في أمره، وليس لهم علم بأنّه ما قُتِل وما صُلِبَ، ولكن لما قال أعداؤه: إنهم قتلوه وصلبوه واتَّفق رَفْعُه من الأرض وقعتِ الشبهةُ في أمره، وصدَّقهم النصارى في صلبه لِتَتِمَّ الشَّناعةُ عليهم، وكيف ما كان فالمسيح -صلوات الله وسلامه عليه- لم يُقْتَل ولم يُصْلب يقينًا لا شكَّ فيه.

ثم تفرَّق الحَوَارِيُّون في البلاد -بعد رَفْعِه- على دينه ومنهاجه يَدْعُون الأمم إلى توحيد الله ودينه، والإيمان بعبده ورسوله ومسيحه، فدخل كثير من الناس في دينه ما بين ظَاهرٍ مشهور ومختفٍ مَسْتورٍ، وأعداءُ الله -اليهود- في غاية الشدة (٢) والأذى لأصحابه وأتباعه، ولَقِيَ تلاميذ المسيح وأتباعُه من اليهود ومن الروم شِدَّةً شديدةً؛ من قَتْلٍ وعذابٍ، وتشريد وحبس، وغير ذلك، وكان اليهود في زمن المسيح في ذمَّة الروم، وكانوا ملوكًا عليهم، وكَتَب نائبُ الملِكِ ببيت المقدس إلى الملك يُعْلِمُه بأمر المسيح وتلاميذه، وما يفعل من العجائب الكثيرة من إبراء الأكْمَهِ والأَبْرَصِ وإحياء الموتى، فهمَّ أنْ يُؤْمِنَ به ويَتَّبِعَ دينه فلم يُتَابِعْهُ أصحابه، ثم هلك ووَلِيَ بعده ملكٌ آخر، فكان شديدًا على


(١) ما بين القوسين ساقط من "ص".
(٢) في "غ، ص": "الشرور والشدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>