للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعلَّم حكمة اليونان، وكان جميل الوجه قليل الشرِّ مُحبًّا للحكمة.

وكان "عليانوس" (١) -ملك الروم حينئذ- رجلًا (فاجرًا، شديد البأس، مبغضًا للنصارى جدًّا، كثير القتل فيهم، مُحبًّا للنساء، لم يترك للنصارى بنتًا جميلة) (٢) إلا أفسدها، وكذلك أصحابه، وكان النصارى في جهد جهيد معه، فبلغه خبر قسطنطين وأنه غلامٌ هادٍ، قليلُ الشّرِّ، كثيرُ العِلْم. وأخبره المنجِّمون والكهنة أنه سيملك مُلْكًا عظيمًا، فهمَّ بقتله. فهرب قسطنطين من الرُّها، ووصل إلى أبيه فسلَّم إليه الملك، ثم مات أبوه، وصبَّ الله على "عليانوس" أنواعًا من البلاء حتى تعجب الناس مما ناله، ورَحِمَهُ أعداؤه مما حلَّ به، فرجع إلى نفسه وقال: لعل هذا بسببِ ظلم النصارى. فكتب إلى جميع عُمَّاله أن يُطْلِقُوا (٣) النصارى من الحبوس، وأن يكرموهم ويسألوهم أن يَدْعُوا له في صلواتهم، فوهب الله له العافيةَ، ورجع إلى أفضل ما كان عليه من الصحة والقوة، فلما صحَّ وقوي رجع إلى شَرٍّ مما كان عليه من الصحة (٤)، وكتب إلى عماله أن يقتلوا النصارى ولا يَدَعُوا في مملكته نصرانيًّا، ولا يسكنوا له مدينة ولا قرية، فكان القتلى يحملون على العجل ويُرْمى بهم في البحر والصحاري.

وأما قيصر الآخر، الذي كان معه، فكان شديدًا على النصارى، واستعبد من كان برومية من النصارى، ونَهَبَ أموالَهم، وقتل رجالَهم


(١) في "الجواب الصحيح": "علانيوس".
(٢) ساقط من "غ، ص".
(٣) في "ج" تصحفت إلى: "يقتلوا".
(٤) ساقط من "ب، ج".

<<  <  ج: ص:  >  >>