للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا بمنزلة شهود شهدوا بحقٍّ فصدَّقهم الخَصْمُ وقال: هؤلاء كلُّهم شهودٌ عدول صادقون، ثم (شهد آخرُ) (١) على شهادتهم سواء، فقال الخصم: هذه الشهادة باطلةٌ وكَذِبٌ لا أصل لها. وذلك تكذيب بشهادة جميع الشهود قطعًا، ولا يُنْجيه من تكذيبهم اعترافُه بصحة شهادتهم وأنها شهادةُ حقٍّ (مع قوله) (٢) إن الشاهد بها كاذبٌ فيما شهد به.

فكما أنه لو لم يظهر محمد لبطلت نُبُوات الأنبياء قبله، فكذلك (٣) إن لم يُصَدَّقْ لم يمكن تصديقُ نبيٍّ من الأنبياء قبله.

(الوجه الثالث) أن الآيات والبراهين التي دلت على صحة نبوته وصدقه أضعافُ أضعافِ آيات (٤) مَنْ قَبْلَه من الرسل، فليس لنبيٍّ من الأنبياء آيةٌ توجب (٥) الإيمانَ به إلا ولمحمدٍ مثلُها أو ما هو في الدلالة مثلها، وإن لم يكن من جنسها فآياتُ نبوته أعظمُ وأكبر وأبْهَرُ وأدلُّ، والعِلْمُ بنَقْلها قطعيٌّ، لقُرْبِ العهد، وكثرةِ النَّقَلة، واختلافِ أمصارهم وأعصارهم، واستحالةِ تواطئهم على الكذب.

فالعِلمُ بآيات نبوته كالعِلْمِ بنفس وجوده وظهورِه وبَلَدِه، بحيث لا يمكن المكابرة في ذلك، والمكابِرُ فيه في غاية الوقاحة والبَهْت، كالمكابر في وجود ما يشاهده الناس ولم يشاهده (٦) هو من البلاد


(١) في "غ، ص": "ثم الآخر شهد".
(٢) ساقط من "ب، ج، ص".
(٣) في "ج": "فلذلك".
(٤) ساقط من "ج".
(٥) في "غ": "يتوجب".
(٦) في "ج": "يشهده".

<<  <  ج: ص:  >  >>