للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَسْعَدُ به ونَقْصَها وما تَشْقى به.

وأما النَّصارى: فقد عَرَفْتَ ما الذي أدركوه من مَعْبُودِهم وما وَصَفُوه به، وما الذي قَالُوه في نبيِّهِم، وكيف لم يُدْرِكوا حقيقتَهُ البتَّة، ووَصَفُوا اللهَ بما هو مِنْ أعظمِ العيوبِ والنَّقائصِ، ووصفوا عَبْدَهُ ورسولَه بما ليس له بوجهٍ من الوجوه، وما عرفوا اللهَ ولا رسولَه. والمعادُ الذي أقرُّوا به لم يُدْرِكُوا (١) حَقِيْقَتَهُ، ولم يؤمنوا بما جاءتْ به الرسل من حقيقتِهِ، إذْ لا أكْلَ عندهمِ في الجنة ولا شُرْبَ، ولا زوجةَ هناك، ولا حورَ عينٍ يلذُّ بهن الرجال كَلذَّاتهم في الدنيا، ولا عرفوا حقيقةَ أنفسِهِم وما تسعد به وتشقى. ومن لم يعرف ذلك فهو أجْدَرُ أن لا يعرف حقيقة شيءٍ كما ينبغي البته، فلا لأنْفُسِهِم عَرَفُوا، ولا لِفَاطِرهَا (٢) وبارِئها، ولا لمن جعلَهُ الله سببًا في فَلاحِها وسعادتها، ولا للموجوداتِ وأنها جميعها فقيرةٌ مربوبة مصنوعةٌ -ناطقها وصامتها آدميها وجنيها وملكها- فكلُّ مَنْ في السموات والأرض عَبْدُه ومُلْكُه، وهو مخلوقٌ مصنوعٌ مربوبٌ، فقيرٌ من كلِّ وَجْهٍ. ومن لم يعرفْ هذا لم يعرف (٣) شيئًا.

وأمَّا اليهودُ؛ فقد حكى الله لك عن جَهْل أَسْلافِهم وغَبَاوَتهم (٤) وضَلالِهم ما يدلُّ على ما وراءه (٥) من ظُلُماتِ الجهلِ التي بعضُهِا فوقَ بعضٍ. ويكفي في ذلك عبادتُهم العِجْلَ الذي صَنَعَتْهُ أيديهم من ذهَبٍ،


(١) في "ص، غ": "يذكروا".
(٢) في "ب، ج": "لناظرها".
(٣) في "د": "يكن".
(٤) في "ج": "عداوتهم"، وفي "ب، ص": "عبادتهم".
(٥) في "ج": "رواه".

<<  <  ج: ص:  >  >>