للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [الحج: ١٧].

فلما بعث الله رسوله ﷺ استجاب له، ولخلفائه بعده، أكثرُ أهل (١) الأديان طوعًا واختيارًا، ولم يُكْرِه أحدًا قط على الدين، وإنما كان (يقاتل من يحاربه ويقاتله، وأما من سالمه وهادنه: فلم) (٢) يقاتله ولم يُكْرِهْهُ على الدخول في دينه، امتثالًا لأمر ربِّه -سبحانه- حيث يقول: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة: ٢٥٦].

وهذا نفيٌ في معنى النهي، أي لا تكْرِهُوا أحدًا على الدِّين.

نزلت هذه الآية في رجال من الصحابة كان لهم أولاد قد تهوَّدوا وتنصَّروا (٣) قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام أسْلَمَ الآباءُ وأرادوا إكراهَ الأولاد على الدِّين، فنهاهم اللهُ -سبحانه- عن ذلك حتى يكونوا هم الذين يختارون الدخول في الإسلام (٤).

والصحيح أَنَّ الآية على عمومها في حقِّ كلِّ كافرٍ. وهذا ظاهرٌ على قول من يجوِّز أخْذَ الجزية من جميع الكفار، فلا يُكْرَهُونَ على الدخول في الدِّين، بل إمَّا أن يدخلوا في الدين، وإما أن يُعْطُوا الجزية، كما يقوله أهل العراق وأهل المدينة، وإن استثنى هؤلاء بعضَ عَبَدَةِ الأوثان.


(١) ساقط من "ج، ب".
(٢) ساقط من "غ".
(٣) في "غ": "أو تنصروا".
(٤) انظر الروايات في: "سنن أبي داود"؛ كتاب الجهاد، باب الأسير يكره على الاسلام: (٤/ ٢٠)، "تفسير الطبري": (٥/ ٤٠٩ - ٤١٠)، "تفسير البغوي": (١/ ٢٧١ - ٢٧٢)، "تفسير النسائي": (١/ ٢٧٣ - ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>