بروحه وجميع قواه، وإرادته وأقواله وأعماله: تقرب الرب منه سبحانه بنفسه في مقابلة تقرب عبده إليه. وليس القرب في هذه المراتب كلها قرب مسافة حسية، ولا مماسة. بل هو قرب حقيقي. والرب تعالى فوق سماواته على عرشه، والعبد في الأرض. وهذا الموضع هو سر السلوك، وحقيقة العبودية". وقرب الله تعالى لا يكون من كل أحد، وإنما يقرب تعالى من عباده المؤمنين الطائعين، فكل موضع ذكرت فيه هذه الصفة كانت مقيدة بأحوال مخصوصة. قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (١٥/ ١٧): "وقد قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦]، وهذا القرب من الداعي: هو قرب خاص ليس قربًا عامًا من كل أحد، فهو قريب من داعيه، وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥] فيه الإرشاد والإعلام بهذا القرب". وقال ابن القيم في مختصر الصواعق (٣/ ١٢٥١): "إنّ قربَ الربّ تعالى إنما ورد خاصًا لا عامًا وهو نوعان: قربه من داعيه بالإجابة ومن مطيعه بالإثابة، ولم يجئ القرب كما جاءت المعية خاصة وعامة، فليس في القرآن ولا في السنة أن الله قريب من كل أحد وأنه قريب من الكافر والفاجر ... ". وقرب الله تعالى من عباده الصالحين لا ينافي علوه عليهم، فصفات الله عزَّ وجلَّ لا =