كنت عند سعيد بن المسيب إذ جاءه رجل فقال: إن ناسًا يقولون: قدر الله كل شيء ما خلا الأعمال. فغضب سعيد غضبا لم أره غضب مثله قط حتى هم بالقيام، ثم قال: فعلوها فعلوها، ويحهم لما يعملون (١)، أما إني قد سمعت فيهم بحديث كفاهم به شرًا، فقلت: وما ذاك يا أبا محمد رحمك الله؟ قال: حدثني رافع بن خديج، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"يكون في أمتي قوم يكذبون بالله وبالقرآن وهم لا يشعرون" قال: فقلت: يقولون كيف يا رسول الله؟ قال:"يقولون الخير من الله والشر من إبليس، ثم يُقِرّون على ذلك كتاب الله فيكفروا بالله وبالقرآن بعد الإيمان والمعرفة، فماذا تلقى أمتي منهم من العداوة والبغضاء، ثم يكون المسخ، فيمسخ عامة أولئك قردة وخنازير، ثم يكون الخسف فقلَّ من ينجو منهم، المؤمن يومئذ قليل فرحه، شديد غمه، ثم بكى النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بكيت لبكائه، فقيل: يا رسول الله، ما هذا البكاء؟ قال رحمة لهم، الأشقياء، لأن منهم المجتهد ومنهم المتعبد، أما إنهم ليسوا بأول من سبق إلى هذا القول وضاق بحمله ذرعًا، إن عامة من هلك من بني إسرائيل بالتكذيب بالقدر" فقيل: يا رسول الله، فما الإيمان
(١) جاء عند اللالكائي في شرح الاعتقاد وغيره "ويحهم لو يعلمون".