للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= هذه الأمور تكون بها. وكذلك إذا علم أن هذا يكون سعيدا في الآخرة، وهذا شقيا في الآخرة، قلنا: ذلك لأنه يعمل بعمل الأشقياء، فالله علم أنه يشقى بهذا العمل، فلو قيل: هو شقي، وإن لم يعمل كان باطلا؛ لأن الله لا يدخل النار أحدا إلا بذنبه كما قال تعالى {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)} [ص: ٨٥] فأقسم أنه يملؤها من إبليس وأتباعه، ومن اتبع إبليس فقد عصى الله تعالى، ولا يعاقب الله العبد على ما علم أنه يعمله حتى يعمله".
ثالثًا: أن الله تعالى له الحجة البالغة على خلقه. قال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)} [الأنعام: ١٤٩].
قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٣٥٨): "أي له الحكمة التامة والحجة البالغة في هداية من هدى وإضلال من أضل {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}، وكل ذلك بقدرته ومشيئته واختياره، وهو مع ذلك يرضى عن المؤمنين ويبغض الكافرين".
رابعًا: أن القدر سر الله في خلقه لا يجوز المراء فيه ولا السؤال عنه.
قال الإمام الطحاوي في عقيدته (ص ٣٩): "وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق، والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرًا وفكرا ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال الله تعالى في كتابه: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)} [الأنبياء: ٢٣] فمن سأل: لِمَ فعل؟ فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين".

<<  <  ج: ص:  >  >>