للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= من أحد، وما من نفس منفوسة إلا كُتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة. قال رجل: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة؟ قال: أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء. ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: ٥ - ٦] الآية. رواه البخاري (٤٩٤٨)، ومسلم (٢٦٤٧).
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٨/ ٦٨ - ٦٩): "فبين النبي -صلى الله عليه وسلم-أن الله علم أهل الجنة من أهل النار، وأنه كتب ذلك، ونهاهم أن يتكلوا على هذا الكتاب ويدعوا العمل كما يفعله الملحدون، وقال "كل ميسر لما خلق له"، وإن أهل السعادة ميسرون لعمل أهل السعادة، وأهل الشقاوة ميسرون لعمل أهل الشقاوة، وهذا من أحسن ما يكون من البيان. وذلك أن الله سبحانه وتعالى يعلم الأمور على ما هي عليه، وهو قد جعل للأشياء أسبابا تكون بها، فيعلم أنها تكون بتلك الأسباب، كما يعلم أن هذا يولد له بأن يطأ امرأة فيحبلها، فلو قال هذا: إذا علم الله أنه يولد لي فلا حاجة إلى الوطء، كان أحمق؛ لأن الله علم أن سيكون بما يقدره من الوطء، وكذلك إذا علم أن هذا ينبت له الزرع بما يسقيه من الماء ويبذره من الحب. فلو قال: إذا علم أن سيكون فلا حاجة إلى البذر، كان جاهلا ضالا؛ لأن الله علم أن سيكون بذلك. وكذلك إذا علم الله أن هذا يشبع بالأكل، وهذا يروي بالشرب، وهذا يموت بالقتل، فلابد من الأسباب التى علم الله أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>