فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكفر هذا الرجل، مع أنه شرب الخمر أكثر من مرة، بل نهى الصحابة عن لعنه وأخبرهم أنه يحب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتو ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وَفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه". رواه البخاري (١٨)، قال ابن حجر في فتح الباري (١/ ٨٩): "تضمن -أي هذا الحديث- الرد على من يقول: أن مرتكب الكبيرة كافر، أو مخلد في النار". فهذه أدلة نقلية قاطعة على أن مرتكب الكبيرة ليس بكافر ولا يخلد في النار، بل هو بين الخوف والرجاء، وعلى هذا اتفق أهل السنة. قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص ٣٠١): "أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كفرا ينقل عن الملة بالكلية". وقال أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف (ص ٢٧٦): "ويعتقد أهل السنة: أن المؤمن وإن أذنب ذنوبا كثيرة؛ صغائر وكبائر، فإنه لا يكفر بها. وإن خرج عن الدنيا، غير تائب منها، ومات على التوحيد". وانظر مجموع الفتاوى (٣/ ١٥١).