وقد ترجم الصحابة الكرام أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمليا، فهذا أسامة بن زيد -رضي الله عنه- يقال له ألا تدخل على عثمان -رضي الله عنه- فتكلمه؟ فقال: "أترَوْن أني لا أكلمه إلا أُسْمِعُكم؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه. ما دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه". أخرجه البخاري (٣٢٦٧)، ومسلم (٢٩٨٩). قال ابن حجر معلقا على فعل أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: "أي: كلمته فيما أشرتم إليه، لكن على سبيل المصلحة والأدب في السر، بغير أن يكون في كلامي ما يثير فتنة أو نحوها". فتح الباري (١٣/ ٦٥). وقال أحمد بن النحاس في كتابه "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين" (ص ٦٤): "يختار الكلام مع السلطان في الخلوة على الكلام معه على رؤوس الأشهاد". وقال الإمام الشوكاني في كتابه "السيل الجرار" (٤/ ٥٥٦): "ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه، ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد؛ بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده، ويخلو به، ويبذل له النصيحة، ولا يذل سلطان الله". وللمزيد في عرض منهج السلف في كيفية نصح الإمام فإني أحيل القارئ الكريم إلى كتاب "معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة" للشيخ الدكتور عبد السلام بن برجس العبد الكريم -رحمه الله- (ص ١٠٣ - ١٣٢).