وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قِسِيَّكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دُخل -يعني على أحد منكم- فليكن كخير ابنيْ آدم". رواه أبو داود في سننه (٥/ ١٨ رقم ٤٢٥٨، ٤٢٦١)، وفي رواية له: قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "كونوا أحلاس بيوتكم". انظر تصحيح الروايتين في صحيح الترغيب والترهيب (٢٧٤٢)، وفي صحيح ابن ماجة (٣٢٠٠). قال الإمام الآجري في الشريعة (١/ ٣٩٢ - ٣٩٣): "فإن الفتن على وجوه كثيرة، قد مضى منها فتن عظيمة، نجا منها أقوام، وهلك فيها أقوام؛ باتباعهم الهوى وإيثارهم للدنيا، فمن أراد الله تعالى به خيرا، فتح له باب الدعاء، والتجأ إلى مولاه الكريم، وخاف على دينه، وحَفِظ لسانه، وعرف زمانه، ولزم الحجة الواضحة -السواد الأعظم- ولم يتلوَّن في دينه، وعبد ربه تعالى، فترك الخوض في الفتنة فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير". وانظر عون المعبود شرح سنن أبي داود (١١/ ٢٢٦ - ٢٢٧).