وأما إذا كان ترك الصلاة خلفه يفوت المأموم الجمعة والجماعة، فهنا لا يَترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف للصحابة رضي الله عنهم. وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور، ليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية، فهنا لا يَترك الصلاة خلفه، بل الصلاة خلف الأفضل أفضل، فإذا أمكن الإنسان أن لا يقدم مظهرا للمنكر في الإمامة، وجب عليه ذلك، لكن إذا ولاه غيره، ولم يمكنه صرفه عن الإمامة، أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا بشر أعظم ضررا من ضرر ما أظهر من المنكر فلا يجوز دفعُ الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفعُ أخفِّ الضررين بحصول أعظمهما، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، بحسب الإمكان. فتفويت الجمع والجماعات أعظم فسادا من الإقتداء فيهما بالإمام الفاجر، لا سيما إذا كان التخلف عنها لا يدفع فجورًا، فيبقى تعطيل المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة. وأما إذا أمكن فعلُ الجمعة والجماعة خلف البرّ، فهذا أولى من فعلها خلف الفاجر".