* ومن جوانب الفخر والاعتزاز أن نقول: إنه مع ما بلغته عقولُ البشر من تطوُّر في الفكر وأدواته ووسائله؛ فلا يزال تراث الأمَّة الإسلامية يُشكِّل مخزوناً هائلاً يجترُّ منه أهله المنتسبون إليه، وينهل منه المحبُّون له، ليس في الأفكار فحسب؛ بل أيضاً في طريقة التربية، والتوجيه، والتعليم، ووسائل ذلك.
لذا فالدعوة إلى الانقطاع عن تراث الأمة وأصولها، ليست دعوةً مقبولة، لا في السياق العقلي ولا الشرعي، كما أن نقيضتها على الطرف الآخر من دفن الرأس في الرمال، وغضِّ الطرف عن آخر ما توصل إليه المتخصِّصُون في هذه الأبواب؛ تشابهها في الحكم عليها، والانفضاض عنها، وإنما الدعوة التي نرجوها: التوسُّط في الأمر، عن طريق مواكبة العصر بأصولنا الإسلامية، لتتلاقح الأفكار، ويجني صغارُنا الثمار. والحكمة ضالُّة المؤمن، أنَّى وجدها؛ فهو أحقُّ بها.
لكن: ثمَّ سؤال قد يراود الأذهان؛ وهو: هل دَرَسَ الصَّحْب والآل والسَّلف علوم التربية هذه ووسائلها التي نتحدَّث عنها، حتى نأخذ عنهم، ونستفيد من تجاربهم؟!
والجواب: أنهم حققوا النموذج العملي الراقي في كل مجالات الحياة، وليس فقط في مجال التربية، لكن الأمر كما في علم النحو والصرف، واللغة والبيان والبديع، وغيرها، أن السَّلف لم يدرسوا النحو والصرف وغيره، ومع ذلك كانوا أفصح الناس؛ لأن ذلك كان عندهم