للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانتفعت بتعليمه، ونضحه؛ فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت (١)!

وفي بيت أم سلمة: لا يزال تعليمه للصغار قائمًا، فكان للصبي كما كانت للفتاة نصيبٌ من تهذيب الأخلاق وغرسها، فهذا عُمر بن أبي سلمة، أخو زينب، يجلس على الطعام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكنه لم يتعلَّم كيف يأكل في وجود الكبار، وما الآداب التي ينبغي أن يراعيها، فكانت يده تطيش في الصَّحفة، ويأكل من نواحيها، فجاد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه بالتعليم، ولم يمنعه صغر سنه من أن يوجهه؛ فقال له: «يا غُلام! سمِّ الله، وكُل بيمينك، وكُل مما يليك».

فانتفع عمر بتلك النصيحة باقي عمره كله؛ حتى أنه ذكر ذلك لما بلغ وقال: فما زالت تلك طِعْمتي بعد (٢).

ولم يكن اهتمامه - صلى الله عليه وسلم - بتعليم الصغار وتوجيههم خاصًّا بأهل بيته، أو من هم في حِجْرِه، بل كان كل من يقابله أو يعرض له، وتسنح الفرصة بالتربية والتوجيه؛ لا يتأخر عنه بشيء.


(١) ابن عبدالبر، «الاستيعاب» (٤/ ١٨٥٥).
(٢) متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (٥٣٧٦)، ومسلم (٢٠٢٢).

<<  <   >  >>