للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم، قال: «ارقيهم».

قالت: فعرضتُ عليه، فقال: «ارقيهم» (١).

على الجانب الموازي لهذا: راعى النبي - صلى الله عليه وسلم - عاطفة الأطفال ونفسيتهم، فإذا به يقبِّل الصبيان، ويستنكر حال هؤلاء الذين لا يمدون أطفالهم بهذا الجانب العاطفي المهم.

أبو هريرة - رضي الله عنه - حضر هذه الواقعة، ورأى المشهد فنقله؛ قال: قبَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «من لا يرحم لا يرحم» (٢).

ولا شكَّ أن لهذه القبلة دورًا فعَّالًا في تحريك مشاعر الطفل وعاطفته، إضافة إلى الشعور بالارتباط الوثيق في تشييد علاقة الحب بين الكبير والصغير، وهي دليل رحمة القلب لهذا الصغير الناشئ، والنور الساطع الذي يبهر فؤاده، ويشرح نفسه، ويزيد من تفاعله مع من حوله (٣).

بل في مشهد عظيمٍ يبيِّن رعايته - صلى الله عليه وسلم - لمشاعر هؤلاء الصغار، وإشعارهم بقدرهم أمام الكبار، يؤتَى - صلى الله عليه وسلم - بشراب، فيشرب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم، وعن يساره أشياخ، وكان قد علمَّهم أن يبدؤوا


(١) «صحيح مسلم» (٢٩١٨) من حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه -.
(٢) متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (٥٩٩٧)، ومسلم (٢٣١٨).
(٣) محمد نور بن عبدالحفيظ سويد، «منهج التربية النبوية للطفل» (ص/ ٣١٠).

<<  <   >  >>