للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أثبت الطبُّ الحديث ما في هذا التحنيك (١) من تغذية للمولود، ونفعٍ صحيٍّ له (٢).

كما كان - صلى الله عليه وسلم - يلتمس للصغار الدواء إذا رأى بهم مرضًا، والرقية إذا رأى بهم عينًا أو حسدًا، فلكل حالة ما يخصها من الدواء.

بعد وفاة جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -، كان - صلى الله عليه وسلم - يتفقَّد أحوال أبنائه، فرآهم ذات يوم وأجسادهم نحيفة، فأحسَّ فيها بالضعف والمرض، فسأل أمَّهم أسماء بنت عميس عن السبب؛ فقال لها: «ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة؟! أتصيبهم الحاجة (٣)؟»


(١) التحنيك: أن يُمضَغ التمر، أو نحوه، ثم يدلك به حنك الصغير.
(٢) يقول الدكتور فاروق مساهل، في كتابه «تكريم الإسلام للإنسان»: "والتحنيكة معجزة طبية للنبي - صلى الله عليه وسلم - لم تظهر الحكمة من ورائها إلا حديثًا، فالطفل بعد ولادته يجد نفسه وقد انفصل عن أمه، وانقطع سيل الغذاء الجاهز إليه، فليجأ للاعتماد على ما استطاع جسمه تخزينه من الطعام- وهذا ليس بالكثير- أثناء حمله في رحم أمه، لحين إفراز اللبن من ثدي والدته، ويستغرق إفراز اللبن وقتاً متفاوتاً، من ١ - ٣ أيام، وبما أن نشاط أجهزة الجسم عند المولود تكون في قمتها، في محاولة لملاءمة الوضع الجديد، فإن المخزون في جسمه يستهلك بسرعة، وقد تنخفض تبعًا لذلك نسبة السكر في الدم. وحيث أن الفترة الحرجة في إطعام الطفل تقع ما بين انتهاء ولادته، وبدء رضاعته، فإننا نجد في تكريم المولود على يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، بتحنيكه بالتمر الممتلئ بالسكر، والذي يمتص في عروقه، فيحافظ على مستوى السكر في دمه لحكمة كبيرة". ومن هنا تتضح الأهمية العظمى للتحنيك في تغطية هذه الفجوة في تغذية المولود، بين ولادته وبدء رضاعته من ثدي أمه.
(٣) يعني: هل سبب هذا الفقر وقلة الطعام وغيره، لأن اليتم محل لذلك.

<<  <   >  >>