ومن خلال النظر في سير الصحب والآل والسَّلف: نجد أن عادتهم في تربية صغارهم؛ التعويد على النوم مبكِّرًا، وعدم تعويدهم السهر. ويدل على ذلك:
أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما أخَّر العشاء ذات ليلة عن وقتها، حتى دخل ثلث الليل الأول، وكان الصحابو نساؤهم وصغارهم ينتظرونه في المسجد، أراد عمر أن يُعلمه - صلى الله عليه وسلم - بمشقة ذلك عليهم، وتأخر الوقت عن المعتاد؛ فنادى وقال:«يا رسول الله! نام النساء والصبيان»(١)!
ففي قول عمر دليلٌ على ما اعتاد عليه الصغار، وأن الآباء لم يثنوهم عن عادتهم، ولو كان ذلك لأجل انتظار صلاة العشاء المتأخرة.
بالطبع لم تكن لديهم الأبحاث المعاصرة التي تنبئ عن خطورة السهر، إنما كانت نظرتهم إلى أمورٍ أخرى؛ كالمحافظة على صلاة الصبح في وقتها، والحفاظ على ذكر الله في جلسة الصُبحة، كما أن أعمالهم كانت نهارًا.
وأكثر هذه الأسباب لا يزال إلى الآن قائمًا، فإن أُضيف إليه ما أثبته الطبُّ الحديث من ضرر للسهر؛ تأكَّد أهمية هذا الأمر في تربية الصغار، وتعويدهم عليه.
(١) متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (٥٦٦)، ومسلم (٦٣٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.