المقدم ذكرها، إلا أنه مع خروجه عنها نازع بالثقة إلى قرّائه، محفوف بالروايات من أمامه وورائه؛ ولعله، أو كثيرا منه، مساو فى الفصاحة للمجتمع عليه. نعم وربما كان فيه ما تلطف صنعته، وتعنف بغيره فصاحته، وتمطوه قوى أسبابه، وترسو به قدم إعرابه؛ ولذلك قرأ بكثير منه من جاذب ابن مجاهد عنان القول فيه، وماكنه عليه، وراده إليه، كأبى الحسن أحمد بن محمد بن شنبوذ، وأبى بكر محمد بن الحسن بن مقسم، وغيرهما ممن أدى إلى رواية استقواها، وأنحى على صناعة من الإعراب رضيها واستعلاها. ولسنا نقول ذلك فسحا بخلاف القرّاء المجتمع فى أهل الأمصار على قراءاتهم، أو تسويغا للعدول عما أقرّته الثقات عنهم؛ لكن غرضنا منه أن نرى وجه قوة ما يسمى الآن شاذا، وأنه ضارب فى صحّة الرواية بجرانه، آخذ من سمت العربية مهلة ميدانه، لئلا يرى مرى أن العدول عنه إنما هو غض منه، أو تهمة له.
ومعاذ الله! وكيف يكون هذا والرواية تنميه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول:
{وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}؟ وهذا حكم عام فى المعانى والألفاظ، وأخذه: هو الأخذ به، فكيف يسوغ مع ذلك أن ترفضه وتجتنبه، فإن قصر شئ منه عن بلوغه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن يقصر عن وجه من الإعراب داع إلى الفسحة والإسهاب، إلا أننا وإن لم نقرأ فى التلاوة به مخافة الانتشار فيه، ونتابع من يتبع فى القراءة كل جائز رواية ودراية، فإنا نعتقد قوة هذا المسمى شاذا، وأنه مما أمر الله تعالى بتقبله وأراد منا العمل بموجبه، وأنه حبيب إليه، ومرضىّ من القول لديه. نعم وأكثر ما فيه أن يكون غيره من المجتمع عندهم عليه أقوى منه إعرابا وأنهض قياسا؛ إذ هما جميعا مرويان مسندان إلى السلف رضى الله عنه.
فإن كان هذا قادحا فيه، ومانعا من الأخذ به فليكونن ما ضعف إعرابه مما قرأ بعض