أحدهما: أنه إذا كان إتباعا فإنّ أقيس الإتباع أن يكون الثانى تابعا للأول؛ وذلك أنه جار مجرى السبب والمسبب، وينبغى أن يكون السبب أسبق رتبة من المسبب، فتكون ضمة اللام تابعة لضمة الدال كما نقول مدّ وشدّ، وشمّ وفرّ فتتبع الثانى الأول، فهذا أقيس من إتباعك الأول للثانى فى اقتل، وادخل؛ ومع هذا فإن هذا الإتباع أعنى اقتل وبابه لا يكاد يعتد، وذلك أن الوصل هو الذى عليه عقد الكلام واستمراره، وفيه تصح وجوهه ومقاييسه، وأنت إذا وصلت سقطت الهمزة، فقلت: فاقتل زيدا، فادخل يا هذا. وليست كذلك ضمة الدّال فى مدّ، ولا فتحة الميم فى شمّ، ولا كسرة الراء فى فرّ لأنهنّ ثوابت فى الوصل الذى عليه معقد القول، وإليه مفزع القياس والصوب، فكان أن مدّ أقيس إتباعا من: اقتل، لما ذكرنا من الوصل المرجوع إليه المأخوذ بأحكامه؛ ولأن السبب أيضا أسبق رتبة من المسبب، فكذلك الحمد لله أسهل مأخذا من الحمد لله.
والآخر: أنّ ضمة الدال فى «الحمد» إعراب، وكسرة اللام فى «لله» بناء، وحرمة الإعراب أقوى من حرمة البناء، فإذا قلت: الحمد لله فقريب أن يغلب الأقوى الأضعف، وإذا قلت الحمد لله جنى البناء الأضعف على الإعراب الأقوى، مضافا ذلك إلى حكم تغيير الآخر الأول، وإلى كثرة باب عنق وطنب فى قلة باب إبل إطل فاعرفه.
ومثل هذا فى إتباع الإعراب البناء ما حكاه صاحب الكتاب فى قول بعضهم:
وقال اضرب الساقين إمّك هابل …
كسر الميم لكسرة الهمزة، ثم من بعد ذلك أنك تفيد من هذا الموضع ما تنتفع به فى موضع آخر. وهو أن قولك: الحمد لله جملة، وقد شبه جزءاها معا بالجزء الواحد، وهو مدّ أو عنق فيمن أسكن ثم أتبع، أو السّلطان أو القرفصاء أو المنتن دلّ ذلك على