شدة اتصال المبتدأ بخبره؛ لأنه لو لم يكن الأمر عندهم كذلك لما أجروا هذين الجزأين مجرى الجزء الواحد، وقد نحوا هذا الموضع الذى ذكرته لك فى نحو قولهم فى تأبط شرّا: تأبطى، وقولهم فى رجل اسمه زيد أخوك: زيدى، فحذفوا الجزء الثانى، كما يحذفون الجزء الثانى من المركّب فى نحو قولهم فى حضرموت: حضرمىّ، وفى رام هرمز: رامىّ، وكما يقولون أيضا فى طلحة طلحىّ، فاعرف ذلك دليلا على شدة اتصال المبتدأ بخبره، وما علمت أحدا من أصحابنا نحا هذا الموضع على وضوحه لك، وقوة دلالته على ما أثبته فى نفسك.
ومثله أيضا فى الدلالة على هذا المعنى: قراءة ابن كثير: «فإذا هى تلقف» ألا ترى إلى تسكين حرف المضارعة من «تلقف»؟ فلولا شدة اتصاله بما قبله للزم منه تصور الابتداء بالساكن، لا بل صار فى اللفظ قولك:«هيت» كالجزء الواحد الذى هو خدبّ، وهجفّ، وهقبّ، وهذا أقوى دلالة على قوة اتصال المبتدأ بخبره من الذى أريناه من قبله لما فيه إن لم تنعم به من وجوب تصور الابتداء بالساكن. نعم ومن ورائه أيضا ما هو ألطف مأخذا، وهو أن قوله سبحانه:«تَلْقَفُ» جملة ومشفوعة أيضا بالمفعول الموصول الذى هو «ما يَأْفِكُونَ»، وأصل تصور الجمل فى هذا المعنى: أن تكون منفصلة قائمة برءوسها، وقد قرأها هاهنا كيف تصورت شديدة الحاجة إلى المبتدأ قبلها؟ فإذا جاز هذا الخلط له، ووكادة الصلة بينه وبين ما قبله فما ظنك بخبر المبتدأ إذا كان مفردا؟ ألا تعلم أنه به أشد اتصالا، وإليه أقوى تساندا وانحيازا، فاضمم ذلك إلى ما قبله.
ونحو مما نحن على سمته، وبسبيل الغرض فيه-حكاية الفرّاء عن بعضهم، وجرى