ولا نظم. نعم ومن لم يخلد مع ثقته إلى نظر يعصم به ويتساند إليه بأمانته أتى من قبل نفسه من حيث يظن أنه ينظر لها، وكان ما دهاه فى ذلك من أجل فقاهته لا أمانته.
وإذا جاز أن تخفف الحروف الثقال مع كونها صحاحا وخفافا، فتخفيف الضعيف الثقيل أحرى وأولى. فمن ذلك قولهم فى ربّ رجل: رب رجل، وفى أرّ: أر، وفى أىّ:
أى، أنشدنا أبو على للفرزدق:
تنظرت نصرا والسماكين أيهما … علىّ من الغيث استهلّت مواطره
ويبدلون أيضا ليختلف الحرفان فيخفا، وذلك قوله:
يا ليتما أمّنا شالت نعامتها … أيما إلى جنّة أيما إلى نار
وقالوا فى اجلوّاذ: اجليواذ، وفى دوّان ديوان؛ والشئ من هذا ونحوه، أوسع لكن كل واحد من هذه الحروف وغيرها قد سمع وشاع، فأما إياك بالتخفيف فلم يسمع إلا من هذه الجهة، وينبغى للقرآن أن يختار له، ولا يختار عليه.
***
{اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة:٦] ومن ذلك قراءة الحسن رضى الله عنه: «اهدنا صراطا مستقيما».
قال أبو الفتح: ينبغى أن يكون أراد-والله أعلم-التذلل لله سبحانه، وإظهار الطاعة له، أى قد رضينا منك يا ربنا بما يقال له: صراط مستقيم، ولسنا نريد المبالغة فى قول من قرأ:«الصراط المستقيم»، أى: الصراط الذى قد شاعت استقامته وتعولمت فى ذلك حاله وطريقته، فإنّ قليل هذا منك لنا زاك عندنا وكثير من نعمتك علينا، ونحن له مطيعون، وإلى ما تأمر به وتنهى فيه صائرون. وزاد فى حسن التنكير هنا ما دخله من المعنى؛ وذلك أن تقديره: أدم هدايتك لنا؛ فإنك إذا فعلت ذلك بنا فقد هديتنا إلى صراط مستقيم؛ فجرى حينئذ مجرى قولك: لئن لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتلقينّ منه رجلا