وقرأ عمرو بن فايد:«إياك نعبد وإياك نستعين»، بتخفيف الياء فيهما جميعا، فوزن إيا على هذا فعل كرضا، وحجا وحمى، ونظيره: إيا الشمس، قال طرفة:
سقته إياة الشمس إلاّ لثاته … أسفّ ولم تكدم عليه بإثمد
ويقال فيه: أياء الشمس بالفتح والمد. قال ذو الرّمة:
تنازعها لونان ورد وحوّة … ترى لأياء الشمس فيه تحدّرا
وإيا فعل، وأياء فعال، وكلاهما من لفظ الآية ومعناها، وهى: العلامة، وذلك أن ضوء الشمس إذا ظهر علم أن جرمها على وجه الأرض.
وحدثنا أبو بكر محمد بن على قال: كان أبو إسحاق يقول فى قول الله سبحانه:
{إِيّاكَ نَعْبُدُ} أى حقيقتك نعبد، وكان يشتقه من الآية، وهى العلامة، وهذا يجئ ويسوغ على رأى أبى إسحاق؛ لأنه كان يعتقد فى إيّاك أنه اسم مظهر خص به المضمر، فأما على قول الكافة فاشتقاقه فاسد؛ لأن إيّاك اسم مضمر، والأسماء المضمرة لا اشتقاق فى شئ منها، وينبغى أن يكون عمرو بن فايد إنما قرأ «إياك» بالتخفيف؛ لأنه كره اجتماع التضعيف مع ثقل الياءين والهمزة والكسرة، ولا ينبغى أن يحمل إياك بالتخفيف على أنها لغة؛ وذلك أنا لم نر لذلك أثرا فى اللغة ولا رسما ولا مرّ بنا فى نثر