للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومذهب الكوفيين فيه أنه يحرك الثانى لكونه حرفا حلقيا، فيجيزون فيه الفتح وإن لم يسمعوه؛ كالبحر والبحر والصّخر والصخر.

وما أرى القول من بعد إلا معهم، والحقّ فيه إلا فى أيديهم. وذلك أننى سمعت عامة عقيل تقول ذاك ولا تقف فيه سائغا غير مستكره، حتى لسمعت الشجرى يقول: أنا محموم بفتح الحاء، وليس أحد يدعى أن فى الكلام مفعول بفتح الفاء.

وسمعته مرة أخرى يقول: وقد قال له الطبيب: مصّ التفاح وارم بثفله-والله لقد كنت أبغى مصه وعليته تغذو بفتح الغين، ولا أحد يدعى أن فى الكلام يفعل، بفتح الفاء.

وسمعت جماعة منهم-وقد قيل لهم: قد أقيمت لكم أنزالكم من الخبز-قالوا:

فاللحم، يريدون اللحم، بفتح الحاء.

وسمعت بعضهم وهو يقول فى كلامه: ساروا نحوه بفتح الحاء، ولو كانت الحاء مبنية على الفتح أصلا لما صحت اللام لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ ألا تراك لا تقول:

هذه عصو ولا فتو؟ ولعمرى إنه هو الأصل لكن أصل مرفوض؛ للعلة التى ذكرنا، فعلى هذا يكون جهرة وزهرة-إن شئت-مبنيا فى الأصل على فعلة، وإن شئت كان إتباعا على ما شرحنا الآن.

***

{اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اِثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً} (٦٠) ومن ذلك قراءة الأعمش: «اثنتا عشرة»، بفتح الشين.

قال أبو الفتح: القراءة فى ذلك «عشرة» و «عشرة»، فأما «عشرة» فشاذ، وهى قراءة الأعمش. وعلى الجملة فينبغى أن يعلم أن ألفاظ العدد قد كثر فيها الانحرافات والتخليطات، ونقضت فى كثير منها العادات، وذلك أن لغة أهل الحجاز فى غير العدد نظير عشرة: عشرة، وأهل الحجاز يكسرون الثانى، وبنو تميم يسكنونه. فيقول الحجازيون: نبقة وفخذ، وبنو تميم تقول: نبقه وفخذ، فلما ركب الاسمان استحال

<<  <  ج: ص:  >  >>