للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوضع فقال بنو تميم: إحدى عشرة وثنتا عشرة إلى تسع عشرة، بكسر الشين وقال أهل الحجاز: عشرة بسكونها. ومنه قولهم فى الواحد: واحد وأحد، فلما صاروا إلى العدد قالوا: إحدى عشرة، فبنوه على فعلى، ومنه قولهم: عشر وعشرة، فلما صاغوا منه اسما للعدد بمنزلة ثلاثون وأربعون قالوا: عشرون، فكسروا أوله. ومنه قولهم: ثلاثون وأربعون إلى التسعون، فجمعوا فيه بين لفظين ضدين، أحدهما يختص بالتذكير والآخر بالتأنيث، أما المختص بالتذكير فهو الواو والنون، وأما المختص بالتأنيث فهو قولهم:

ثلاث وأربع وتسع فى صدر ثلاثون وأربعون وتسعون. وكل واحد من ثلاث وأربع وخمس وست إلى تسع هكذا بغير هاء مختص بالتأنيث. ولما جمعوا فى هذه الأعداد- من عشرين إلى تسعين-بين لفظى التذكير والتأنيث صلحت لهما جميعا، فقيل: ثلاثون رجلا، وثلاثون امرأة، وخمسون جارية وخمسون غلاما، وكذلك إلى التسعين.

ومنه: أيضا اختصارهم من ثلاثمائة إلى تسعمائة على أن أضافوه إلى الواحد، ولم يقولوا: ثلاث مئين، ولا أربع مئات إلا مستكرها وشاذا. فكما ساغ هذا وغيره فى أسماء العدد قالوا أيضا: «اثنتا عشرة» فى قراءة الأعمش هذه، وينبغى أن يكون قد روى ذلك رواية، ولم يره رأيا لنفسه.

وعلى ذلك ما يروى: من أن أبا عمرو حضر عند الأعمش فروى الأعمش: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة. فقال أبو عمرو: إنما هو يتخوننا بالنون، فأقام الأعمش على اللام، فقال له أبو عمرو: إن شئت أعلمتك أن الله لم يعلمك من هذا الشأن حرفا فعلت، فسأل عنه الأعمش، فلما عرف أبا عمرو كبر عنده وأصغى إليه، وعلى أن هذا الذى أنكره أبو عمرو صحيح عندنا؛ وذلك أن معنى يتخولنا: يتعهدنا، فهو من قوله:

يساقط عنه روقه ضارياتها … سقاط حديد القين أخول أخولا

أى شيئا بعد شئ، ومنه قولهم: فلان يخول على أهله: أى يتفقّدهم، ويتعهّد أحوالهم. ومنه قولهم: خال مال، وخائل مال: إذا كان حسن الرّعية والتفقد للمال.

والتركيب مما تغير فيه أوضاع الكلم عن حالها فى موضع الإفراد، من ذلك حكاية أبى عمرو الشيبانى من قول بعضهم فى حضرموت: حضرموت بضم الميم، ليصير على وزن المفردات نحو عضر فوط ويستعور.

<<  <  ج: ص:  >  >>