للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الأصمعى: فعلمت أن زهيرا احتاج إليه فحركه، فعدل عن الفتح؛ لئلا يعرف بأثر الضرورة فعدله إلى موضع آخر فكسر الميم، فكأنه راجع بذلك أصلا حتى كأنه كان خمسون ثم أسكن تخفيفا، فلما اضطر إلى الحركة كسر، فكان بذلك كمراجع أصلا لا مستكرها على أن يرى مضطرا.

وأنّسه أيضا بذلك: ما جاء عنهم من قولهم: إحدى عشرة وعشرة، فصار خمس من خمسون بمنزلة عشرة، وصار خمسون بمنزلة عشر.

***

{مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثّائِها} (٦١) ومن ذلك قراءة يحيى بن وثاب والأشهب: «وقثّائها».

قال أبو الفتح: الضم فى القثّاء حسن الطريقة، وذلك أنه من النوابت، وقد كثر عنهم فى هذه النوابت الفعّال كالزّبّاد والقلاّم والعلاّم والثّفاء. ومن هاهنا كان أبو الحسن يقول فى رمان: إنه فعّال؛ لأنه من النبات وقد كثر فيه الفعال على ما مضى.

وأما قياس مذهب سيبويه: فأن يكون فعلان، بزيادة النون؛ لغلبة زيادة النون فى هذه المواضع بعد الألف.

وله أيضا وجه من القياس: أنه من معنى رممت الشئ: إذا جمعت أجزاءه، وهذه حال الرمان، وقد جاء بهذا الموضع نفسه بعض المولدين فقال:

ما يحسن الرّمان يجمع نفسه … فى قشره إلاّ كما نحن

ويدل على أنه من معنى الاجتماع والتضام: تسميتهم لرمّان البرّ: المظّ، وذلك لقوة اجتماعه، واتصال أجزائه، فهو من معنى المماظّة المعازّة، وهو إلى الشدة. ويدل على صحة مذهب سيبويه فى أن الألف والنون إذا جاءتا بعد المضاعف كانتا بحالهما وهما بعد غير المضاعف-ما ورد فى الخبر عن النبى صلى الله عليه وسلم: أن قوما وردوا عليه فقال لهم: من أنتم؟ فقالوا: بنو غيّان، فقال عليه السّلام: «بل أنتم بنو رشدان». أفلا تراه كيف اشتق الاسم من الغىّ والغواية حتى حكم بزيادة النون؛ لأنه قابله بضده وهو قوله: «رشدان»،

<<  <  ج: ص:  >  >>