للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن مجاهد: أحسبه أراد بقوله مخففة-الميم؛ لأنى لا أعرف لتخفيف النون معنى.

قال أبو الفتح: هذا الذى أنكره ابن مجاهد صحيح؛ وذلك أن التخفيف فى إن المكسورة شائع عنهم؛ ألا ترى إلى قول الله تعالى: {إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا}، {وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ}، أى: إنهم على هذه الحال. وهذه اللام لازمة مع تخفيف النون فرقا بين إن مخففة من الثقيلة، وبين إن التى للنفى بمنزله «ما» فى قوله سبحانه: {إِنِ الْكافِرُونَ إِلاّ فِي غُرُورٍ} وقوله:

فما إن طبّنا جبن ولكن … منايانا ودولة آخرينا

وهذا واضح.

*** {وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ} (٧٤) ومن ذلك قراءة الأعمش: «لما يهبط»، بضم الباء.

قال أبو الفتح: قد بينا فى كتابنا «المنصف» وهو تفسير تصريف أبى عثمان أن باب فعل المتعدى أن يجئ على يفعل مكسور العين، كضرب يضرب وحبس يحبس.

وباب فعل غير المتعدى: أن يكون على يفعل مضموم العين، كقعد يقعد وخرج يخرج، وأنهما قد يتداخلان فيجئ هذا فى هذا، وهذا فى هذا، كقتل يقتل، وجلس يجلس، إلا أن الباب ومجرى القياس على ما قدمناه، هبط يهبط على هذا بضم العين أقوى قياسا من يهبط، فهو كسقط يسقط؛ لأن هبط غير متعد فى غالب الأمر كسقط.

وقد ذهب فى هذا الموضع إلى أن هبط هنا متعد؛ قالوا ومعناه: لما يهبط غيره من طاعة الله عز وجل، أى إذا رآه الإنسان خشع لطاعة خالقه، إلا أنه حذف هنا المفعول تخفيفا، ولدلالة المكان عليه، ونسب الفعل إلى الحجر؛ لأن طاعة رائيه لخالقه إنما كانت مسببة عن النظر إليه، أى منها ما يهبط الناظر إليه؛ أى يخضعه ويخشعه،

<<  <  ج: ص:  >  >>