للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد جاء هبطته متعديا كما ترى، قال:

ما راعنى إلا جناح هابطا … على البيوت قوطه العلابطا

وأعمله فى القوط، فعلى هذا تقول: هبط الشئ وهبطته، وهلك الشئ وهلكته.

قالوا فى قول العجاج:

ومهمه هالك من تعرّجا

قولين: أحدهما أنه كأنه قال: هالك المتعرجين، والآخر هالك من تعرجا، أى مهلك من تعرّج فتقول على هذا: أصبحت ذا مال مهلوك، وهلكه الله يهلكه هلكا.

وإذا كانت كذلك، وكانت هبط هنا قد تكون متعدية، فقراءة الجماعة: {لَما يَهْبِطُ} بكسر الباء أقوى قياسا من يهبط؛ لأن معناه لما يهبط مبصره ويحطّه من خشية الله.

ومن ذهب فيه إلى أن يهبط هنا غير متعد فكأنه قال: وإن منها لما لو هبط شئ غير ناطق من خشية الله لهبط هو، لا أنّ غير الناطق تصح منه الخشية، ألا ترى أن قوله:

لها حافر مثل قعب الولي‍ … د تتخذ الفار فيه مغارا

أى: لو اتخذت فيه مغارا لغوره وتقعبه لوسعها وصلح لها، لا أنها هى تتخذ البتة.

ومثله مسألة الكتاب: أخذتنا بالجود وفوقه، أى: لو كان فوق الجود شئ من المطر لكانت قد أخذتنا به.

وكلام العرب لمن عرفه، ومن الذى يعرفه؟ ألطف من السحر، وأنقى ساحة من مشوف الفكر، وأشدّ تساقطا بعضا على بعض، وأمسّ تساندا نفلا إلى فرض.

***

{يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ} (٧٥) ومن ذلك قراءة الأعمش: «يسمعون كلم الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>