للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو على: إنما كثر فيه أيّديك فعّلتك، لما يعرض فى آيدتك من تصحيح العين مخافة توالى إعلالين فى آيدتك. وأنشدنا قوله:

ينبى تجاليدى وأقتادها … ناو كرأس الفدن المويد

فهذا من آيدته، أى: قويته؛ لأنه مفعل كمكرم ومقتل ومؤدم-ولو كان آيدتك- كما ظن ابن مجاهد فاعلتك-لكان اسم المفعول منه مؤايد كمقاتل ومضارب، ولكن قراءة من قرأ: «آتينا بها» فاعلنا، ولو كان أفعلنا لما احتاج إلى حرف الجر؛ لأنه إنما يقال: أتيت زيدا بكذا وآتيته، كقولك: أعطيته كذا، فكذاك لو كان آتينا أفعلنا لكان آتيناها كقولك: أعطيناها، وأنت لا تقول: آتيته بكذا، كما لا تقول أعطيته بكذا.

فقوله فى تلك القراءة «آتيناها» كقولك حاضرنا بها، وشاهدنا بها، وهذا واضح.

ومعنى قول أبى على: لو جاء آيدتك على ما يجب فى مثله من إعلال عين أفعلت إذا كانت حرف علة كأقمت زيدا وأشرته وأبعته أى: عرضته للبيع-لتتابع فيه إعلالان؛ لأن أصل آيدت: أأيدت، كما أن أصل آمن: أأمن، فانقلبت الهمزة الثانية ألفا لاجتماع الهمزتين فى كلمة واحدة، والأولى منهما مفتوحة والثانية ساكنة، فهى كآمن وآلف، وفى الأسماء نحو آدم وآدر. فكان يجب أيضا أن تلقى حركة العين على الفاء وتحذف العين، فكان يجب على هذا أن تقلب الفاء هنا واو؛ لأنها قد تحركت وانفتح ما قبلها ولا بد من بدلها لوقوع الهمزة الأولى قبلها، كما قلبت فى تكسير آدم أو ادم، فكان يلزم على هذا أن تقول: أودته كأقمته وأدرته، فتحذف العين كما ترى، وتقلب الفاء التى هى فى الأصل همزة واوا فتعتل الفاء والعين جميعا، وإذا أدى القياس إلى هذا رفض. وكثر فيه فعّلت أيّدت ليؤمن ذانك الاعتلالان، فلما استعمل شئ منه جاء قليلا شاذا، أعنى: آيدت. وإذا كانوا قد أخرجوا عين أفعلت وهى حرف علة على الصحة نحو قوله:

صددت فأطولت الصدود …

وقولهم: أغليت المرأة، وأغيمت السماء، وأخوص الرّمث وأعوز القوم، وأليث الشجر، وأسوأ الرجل. ولو خرج على منهج إعلال مثله لم يخف فيه توالى إعلالين كان خروج آيدت على الصحة لما كان يعقب إعلال عينه من اجتماع إعلالها مع إعلال الفاء

<<  <  ج: ص:  >  >>