للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: وإلّ بالنبطية: اسم الله تعالى: ومن ألفاظهم فى ذلك أن يقولوا: كوريال، الكاف بين القاف والكاف. فغالب هذا أن تكون هذه اللغات كلها فى هذا الاسم إنما يراد بها جبريال الذى هو كوريال، ثم لحقها من التحريف على طول الاستعمال ما أصارها إلى هذا التفاوت، وإن كانت على كل أحوالها متجاذبة يتشبث بعضها ببعض.

واستدل أبو الحسن على زيادة الهمزة فى «جبرئيل» بقراءة من قرأ «جبريل» ونحوه.

وهذا كالتعسف من أبى الحسن لما قدمناه من التخليط فى الأعجمى. ويلزم فيه زيادة النون فى زرجون؛ لقوله: كالمزرج. والقول ما قدمناه.

وأما «جبراييل وميكاييل»، بياءين بعد الألف والمد فيقوى فى نفسى أنها همزة مخففة وهى مكسورة، فخفيت وقربت من الياء فعبر القراء عنها بالياء، كما ترى فى قوله عز وجل: {آلاءِ} عند تخفيف الهمز «آلاى» بالياء، وسبب ذلك ما ذكرناه من خفاء الهمزة المكسورة وقربها بذلك من لفظ الياء، كما قالوا فى {شَهْرُ رَمَضانَ} فى إدغام أبى عمرو: إن الراء من شهر مدغمة فى راء رمضان. وهيهات ذلك مذهبا، وعزّ مطلبا، حتى كأنا لم نعلم أن الهاء فى شهر ساكنة، وإذا أدغمت الراء فى راء رمضان التقى ساكنان ليس الأول منهما حرف مد كشابّة ودابّة، ولا يكون ذلك إلا أن تنقل حركة الراء الأولى إلى الهاء قبلها، ولو فعل ذلك لوجب أن يقال: شهرّ رمضان، بضم الهاء، وليس أحد من القراء يدّعى هذا فيه: من أدغم ومن لم يدغم.

وأيضا فإنه إذا كان هذا النقل فإنما يكون فى المتصل، نحو يستعدّ ويردّ ويفرّ، فأما فى المنفصل فإن ذلك لن يجئ فى شئ منه إلا فى حرف واحد شاذ اجتمع فيه شيئان، كل واحد منهما يحتمل التغيير له:

أحدهما: كونه علما، والأعلام فيما يكثر فيه ما لا يكون فى غيره، نحو معد يكرب وموهب وتهلل وحيوة.

والآخر: كثرة استعماله، وهم لما كثر استعماله أشد تغييرا. وذلك الحرف قولهم فى عبد شمس: هذه عبشمس بفتح السين، وأنت لا تقول فى نحو: هذا قوم موسى: هذا قو مّوسى؛ لما ذكرناه من أن المنفصل فى هذا النحو لم تنقله العرب كما نقلت المتصل.

فعلى هذا ينبغى أن نوجه قولهم فى «جبراييل وميكاييل» بياءين والمد؛ وذلك لأن المد إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>