للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان فيه لبقاء نية الهمزة المخففة ولفظه فيه. هذا هو القول، كقولهم بالمد وإن كانت الألف والياء بعدها أتمّ صوتا وأبعد ندى منها وبعدها غيرها من الحروف الصحاح، نحو غرابيل وسرابيل وسراحين وميادين. وقد يجوز من بعد هذا أن تكون ياء صريحة من حيث كان الأعجمى يتلعّب فيه بالحروف تلعّبا، فاعرف ذلك.

***

{أَوَكُلَّما عاهَدُوا} (١٠٠) ومن ذلك ما رواه ابن مجاهد عن روح عن أبى السّمّال: أنه قرأ «أو كلّما عهدوا» ساكنة الواو.

قال أبو الفتح: لا يجوز أن يكون سكون الواو فى «أو» هذه على أنّها فى الأصل حرف عطف كقراءة الكافة: {أَوَكُلَّما}؛ من قبل أن واو العطف لم تسكن فى موضع علمناه، وإنما يسكن بعدها مما يخلط معها فيكونان كالحرف الواحد، نحو قول الله:

تعالى {وَهُوَ اللهُ} وقوله سبحانه: {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ} بسكون الهاء، فأما واو العطف فلا تسكن من موضعين:

أحدهما: أنها فى أول الكلمة والساكن لا يبتدأ به.

والآخر: أنها هنا وإن اعتمدت على همزة الاستفهام قبلها فإنها مفتوحة، والمفتوح لا يسكن استخفافا، وإنما ذلك فى المضموم والمكسور نحو: كرم زيد وعلم الله وقد مضى ذكر ذلك. فإذا كان كذلك كانت «أو» هذه حرفا واحدا، إلا أن معناها معنى بل للترك والتحول، بمنزلة أم المنقطعة، نحو قول العرب: إنها لأبل أم شاء؛ فكأنه قال:

بل أهى شاء؟ فكذلك معنى «أو» هاهنا، حتى كأنّه قال: «وما يكفر بها إلا الفاسقون بل كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم».

يؤكد ذلك قوله تعالى من بعده: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}، فكأنه قال: بل كلما عاهدوا عهدا، بل أكثرهم لا يؤمنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>