للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و «أو» هذه التى بمعنى أم المنقطعة-وكلتاهما بمعنى بل-موجودة فى الكلام كثيرا، يقول الرجل لمن يتهدده: والله لأفعلن بك كذا، فيقول له صاحبه: أو يحسن الله رأيك، أو يغير الله ما فى نفسك. معناه: بل يحسن الله رأيك، بل يغير الله ما فى نفسك. وإلى نحو هذا ذهب الفراء فى قول ذى الرمة.

بدت مثل فرن الشمس فى رونق الضّحى … وصورتها أو أنت فى العين أملح

قال: معناه بل أنت فى العين أملح، وكذلك قال فى قول الله تعالى: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}. قال: معناه بل يزيدون. وإن كان مذهبنا نحن فى هذا غير هذا، فإن هذا طريق مذهوب فيه على هذا الوجه.

وقراءته هنا: «عهدوا عهدا كأنه أشبه بجريان المصدر على فعله؛ لأن عهدت عهدا أشبه فى العادة من عاهدت عهدا». ومن ذلك الحديث المأثور: «من وعد وعدا فكأنما عهد عهدا». وقراءة الكافة: «عاهدوا عهدا» على معنى أعطوا عهدا، فعهدا على مذهب الجماعة كأنه مفعول به. وعلى قراءة أبى السّمال هو منصوب نصب المصدر.

وقد يجوز أن ينتصب على قراءة الكافة على المصدر، إلا أنه مصدر محذوف الزيادة؛ أى عاهدوا معاهدة أو عهادا، كقاتلت مقاتلة وقتالا، إلا أنه جاء على حذف الزيادة كقوله:

عمرك الله ساعة حدّثينا … ودعينا من قول من يؤذينا

إنما هو: عمّرتك الله تعميرا-دعاء لها-فحذفت زيادة التاء والياء. وعليه: جاء زيد وحده؛ أى: أوحد بهذه الحال إيحادا. ومررت به وحده، أى: أوحدته بمرورى إيحادا. وقد يمكن أن يكون وحده مصدر هو يحد وحدا فهو واحد، والمصدر على حذف زيادته كثير جدا، إلا أنه ليس منه قولهم: سلّمت عليه سلاما وإن كان فى معنى تسليما؛ من قبل أنه لو أريد مجيئه على حذف الزيادة لما أقرّ عليه شئ من الزيادة، وفيه ألف سلام زائدة. ومثله: كلمته كلاما والسلام والكلام ليسا على حذف الزيادة، لكنهما اسمان على فعال بمعنى المصدر، فاعرف ذلك.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>