للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراد: أيّهما، فاضطر إلى تخفيف الحروف فحذف الياء الثانية، وكان ينبغى أن يرد الياء الأولى إلى الواو، لأن أصلها الواو، وأن يكون قياسا واشتقاقا جميعا أولى. ولم يقل:

أو هما فيرد الواو الأصلية؛ لأنه لم يبن الكلمة على حذف الياء البتة، فيرد الواو، فيقول:

أو هما؛ لأنه إنما اضطر إلى التخفيف هناك وهو ينوى الحرف المحذوف كما ينوى الملفوظ به، ويأتى نظيره فى سورة القصص. وقد ذكرنا أخوات لهذا أكثر من عشر فى كتاب الخصائص فلذلك قال: فالطحجع، فترك الطاء بحالها كما قدمنا ذكره.

***

{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا} (١٢٧) ومن ذلك ما رواه ابن مجاهد عن ابن عباس فى مصحف ابن مسعود: «وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ويقولان ربّنا»، وفيه: «والّذين اتّخذوا من دونه أولياء قالوا ما نعبدهم»، وفيه: «والملائكة باسطو أيديهم يقولون أخرجوا».

قال أبو الفتح: فى هذا دليل على صحة ما يذهب إليه أصحابنا من أن القول مراد مقدر فى نحو هذه الأشياء، وأنه ليس كما يذهب إليه الكوفيون من أن الكلام محمول على معناه، دون أن يكون القول مقدرا معه. وذلك كقول الشاعر:

رجلان من ضبة أخبرانا … إنّا رأينا رجلا عريانا

فهو عندنا نحن-على قالا: إنا رأينا، وعلى قولهم لا إضمار قول هناك، لكنه لما كان أخبرانا فى معنى قالا لنا، صار كأنه: قالا لنا، فأما على إضمار قالا فى الحقيقة فلا. وقد رأيت إلى قراءة ابن مسعود كيف ظهر فيها ما نقدره من القول، فصار قاطعا على أنه مراد فيما يجرى مجراه.

<<  <  ج: ص:  >  >>