للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسبب توكيد هذه المواضع «بمثل»، أنه يراد أن يجعل من جماعة هذه أوصافهم تثبيتا للأمر وتمكينا له. ولو كان فيه وحده لقلق منه موضعه، ولم ترس فيه قدمه، ولم يؤمن عليه انتقاله إلى ضده.

ومثل ذلك أيضا قولهم فى مدح الإنسان: أنت من القوم الكرام، ومنزعك إلى السادة، أى لك فى هذا الفعل سابقة وأول، فأنت مقيم عليه ومحقوق به، ولست دخيلا فيه عن غير أول ولا أصل، فيخشى عليك نبوك عنه.

ولمّا أريد مثل هذا فى الثناء على الله تعالى، ولم يجز أن يكون تابعا لسلف، ولا موجودا له فيه نظير-عدلوا به إلى وجه ثالث غير الاثنين المذكورين، وهو أن جعل قديما فيه، راسخا عليه، فكان أثبت له من أن يكون عز وجهه مبتدئه أو مرتجله، وذلك قوله تعالى: {وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً}، و {كانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} ونحو ذلك من الآى، فاعرف ذلك أولا ومبتكرا. فكذلك قوله عز وجل: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ}، أى: كانوا ممن يؤمن بالحق هذا الجنس على سعته وانتشار جهاته فقد اهتدوا.

ورحم الله ابن عباس! فإن هذا القول وإن كان اعتراضا عليه فعنه أيضا أخذ وإليه ردّ. وغير ملوم من نصر الجماعة، وبالله الحول والاستطاعة.

***

{لَرَؤُفٌ} (١٤٣) ومن ذلك قراءة الزهرى: «لرووف»، بلا همز، ويثقّل.

قال أبو الفتح: ينبغى أن تكون الهمزة فيه مخففة، فلما أخفاها التخفيف ظنت واوا للطف هذا الموضع أن تضبطه القراء؛ وذلك أنّا لا نعرف فى غير هذه اللفظة إلا الهمز.

يقال: رؤف به، ورأف به، ورئف، ولم نسمع فيه راف ولا رفت. والهمزة إذا خففت فى نحو هذا لم تبدل، وإنما تخفى، كقولك فى سئول، فعول من سألت: سوول، فاعرف ذلك.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>