للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا} (١٥٠) ومن ذلك قراءة زيد بن على-رضى الله عنه- «ألا الّذين ظلموا»، بفتح الهمزة خفيفة اللام، تنبيه.

قال أبو الفتح: وجهه أن الوقوف فى هذه القراءة على قوله تعالى: {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} ثم استأنف منبّها فقال: {إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاِخْشَوْنِي}، كقولك مبتدئا: إلا زيد فأعرض عنه وأقبل علىّ، وكأنه عليه السلام إنما رأى لقول الله تعالى: {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ}؛ فلو قال: {إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا} لم يقو معناه عنده؛ لأنه لا حجة للظالمين على المطيعين، والذى يقوّى قراءة الجماعة قوله تعالى: {لِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} فهو معطوف على قوله تعالى: {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ}، {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ}. وإذا كان عطفا عليه فأن يكون فى عقد واحد معه أولى من أن يتراخى عنه، ويكون قوله على هذا: {إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} استثناء منقطعا أى: لكن الذين ظلموا منهم يعتقدون أن لهم حجة عليكم، فأما فى الحقيقة وعند الله تعالى فلا.

فإن قلت: فقد فصل بقوله: {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاِخْشَوْنِي}، ثم عطف بقوله: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} وقد كرهت الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه.

قيل: لما كان الأمر للمسلمين بترك خشية الظالمين إنما هو مسبّب عن ظلمهم اتصل به اتصال المسبّب بسببه، فجرى مجرى الجزء من جملته، وليس كذلك استئناف التنبيه بألا ألا تراها إنما تقع أبدا فى أول الكلام ومرتجلة؟ فاعرف ذلك فرقا.

***

{أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} (١٥٨) ومن ذلك قراءة علىّ وابن عباس كرم الله وجوههما بخلاف وسعيد بن جبير، وأنس ابن مالك ومحمد بن سيرين وأبىّ بن كعب وابن مسعود وميمون بن مهران: «ألاّ يطّوف بهما».

<<  <  ج: ص:  >  >>