للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: أما قراءة الجماعة: {فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} تقرّبا بذاك، أى فلا جناح عليه أن يطوف بهما تقربا بذاك إلى الله تعالى؛ لأنهما من شعائر الحج والعمرة، ولو لم يكونا من شعائرهما لكان التطوف بهما بدعة؛ لأنه إيجاب أمر لم يتقدم إيجابه، وهذا بدعة، كما لو تطوف بالبصرة أو بالكوفة أو بغيرهما من الأماكن على وجه القربة والطاعة كما تطوّف بالحرم، لكان بذلك مبتدعا.

وأما قراءة من قرأ: «فلا جناح عليه ألاّ يطّوّف بهما» فظاهره أنه مفسوح له فى ترك ذلك، كما قد يفسح للإنسان فى بعض المنصوص عليه المأمور به؛ تخفيفا، كالقصر بالسفر، وترك الصوم، ونحو ذلك من الرّخص المسموح فيها.

وقد يمكن أيضا أن تكون «لا» على هذه القراءة زائدة. فيصير تأويله وتأويل قراءة الكافّة واحدا. حتى كأنه قال: فلا جناح عليه أن يطّوف بهما، وزاد «لا»، كما زيدت فى قوله تعالى: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} أن لا {يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ} أى: ليعلم.

وكقوله:

من غير لا عصف ولا اصطراف

أى: من غير عصف، وهو كثير.

***

{أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ} (١٦١) ومن ذلك قراءة الحسن: «أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعون».

<<  <  ج: ص:  >  >>