للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: فى هذه القراءة دلالة على فساد قول من قال: إن لام التعريف إنما تدخل الأعلام للمدح والتعظيم، وذلك نحو: العباس، والمظفّر، وما جرى مجراهما.

ووجه الدلالة من ذلك: أن قوله «الناسى» إنما يعنى به آدم عليه السلام، فصارت صفة غالبة كالنابغة والصّعق، وكذلك الحارث والعباس والحسن والحسين، وهى وإن كانت أعلاما فإنها تجرى مجرى الصفات، ولذلك قال الخليل: إنهم جعلوه الشئ بعينه، أى الذى حرث وعبس، فمحمول هذا أنّ فى هذه الأسماء الأعلام التى أصلها الصفات معانى الأفعال، ولذلك لحقتها لام المعرفة كما تعرف الصفات، وإذا كان فيها معانى الأفعال، وكانت الأفعال كما تكون مدحا فكذلك ما تكون ذما، فهى تحقّق فى العلم معنى الصفة، مدحا كانت الصفة أو ذما.

فالمدح ما ذكرناه من نحو الحارث والمظفّر والحسين والحسن، والذم ما جاء من نحو قولهم: فلان بن الصّعق؛ لأن ذلك داء ناله، فهى بلوى، وأن يكون ذما أولى من أن يكون مدحا، ألا ترى أن المدح ليس من مقاوم ذكر الأمراض والبلاوى، وإنما يقال فيه:

إنه كالأسد، وإنه كالسيف؟ ومنه عمرو بن الحمق فهذا ذم له لا مدح، وعلى أنهم قد قالوا فى الحمق: إنه الصغير اللحية. والمعنى الآخر أشبع فيه. ألا ترى إلى قوله:

فأمّا كيّس فنجا ولكن … عسى يغتر بى حمق لئيم

ومنه قولهم: فلان بن الثعلب فدخلته اللام، وهو علم لما فيه من معنى الخبّ والخبث، وذلك عيب فيه لا ثناء عليه. والباب فيه فاش واسع. فقد صح إذا أن ما جاء من الأعلام وفيه لام التعريف فإنما ذلك لما فيه من معنى الفعل والوصفية، ثناء عليه كان ذلك أو ذمّا له. وإنما دعا الكتّاب ونحوهم إلى أن قالوا: إن دخول اللام هنا إنما هو لمعنى المدح أن كان أكثره كذلك؛ لأنه إنما العرف فيه أن يسمى من الأسماء الحاملة لمعانى الأفعال ممّا كان فيه معنى المدح، لا أن هذا مقصور على المدح دون الذمّ عندنا لما ذكرنا.

***

{فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} (٢٠٣) ومن ذلك ما روى ابن مجاهد عن الزّمل بن جرول قال: سألت سالم بن عبد الله بن عمر عن النّفر فقرأ: «فمن تعجّل فى يومين فلثم عليه ومن تأخّر فلثم عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>