قال أبو الفتح: إذا صح سكون الراء فى «تضار» فينبغى أن يكون أراد: لا تضارر، كقراءة أبى عمرو، إلا أنه حذف إحدى الراءين تخفيفا. وينبغى أن تكون المحذوفة الثانية؛ لأنها أضعف، وبتكريرها وقع الاستثقال. فأما قول الله تعالى:{ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً} فإن المحذوف هى الأولى، وذلك أنهم شبهوا المضعف بالمعتل العين، فكما قالوا: لست، قالوا: ظلت. ومثله مست فى مسست، وأحست فى أحسست. قال أبو زبيد:
خلا أن العتاق من المطايا … أحسن به فهنّ إليه شوس
فإن قلت: فهلا كانت الأولى هى المحذوفة من تضارر كما حذفت الأولى من ظللت ومسست وأحسست؟.
قيل: هذه الأحرف إنما حذفن لأنهن شبهن بحروف اللين، وحروف اللين تصح بعد هذه الألف نحو عاود وطاول وبايع وساير، والثانية فى موضع اللام المحذوفة، نحو لا ترام.
فإن قيل: فكان يجب على هذا «لا تضار» لأن الأولى مكسورة فى الأصل فيجب أن تقر على كسرها.
قيل: لا، بل لما حذفت الثانية وقد كانت الأولى ساكنة؛ لأنها كانت مدغمة فى الثانية أقرّت على سكونها ليكون ذلك دليلا على أنها قد كانت مدغمة قبل الحذف، ولذلك نظائر منها قوله:
وكحل العينين بالعواور …
صحح الواو الثانية وإن كانت تلى الطرف، وقبل الألف التى قبلها واو؛ لأنه جعل