للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصّحة فى الواو دليلا على أنه أراد العواوير، ولو لم يرد لذلك لوجب أن يهمز فيقول:

العوائر، كما همزوا فى أوائل وأصلها أواول، وكما جعلوا صحة العين فى حول وعور دليلا على كون المثال فى معنى ما لا بد من صحته، وهو احولّ واعورّ، وكما جعلوا ترك رد النون فى قوله:

ارهن بنيك عنهم أرهن بنى …

دليلا على أنه أراد بنىّ، فلما حذف الياء الثانية التى هى ضمير المتكلم لم يرجع النون من بنين؛ لأن جعله دليلا على إرادة الياء فى بنىّ، وأنه إنما حذفها للقافية، وهى فى نفسه مرادة. وكما قال:

مال إلى أرطاة حقف فاضطجع …

ثم أبدل الضاد لاما فقال: الطجع، وقد كان يجب إذا زالت الضاد أن ترجع تاء افتعل إلى اللفظ، وذلك أن أصله اضتجع افتعل من الضجعة، فيظهر التاء كما يقال:

التجأ إليه والتفت والتقم، لكنه ترك الطاء بحالها تنبيها على أنه يريد الضاد، وأنه لما أبدلها لا ما اعتدها مع ذلك اعتداد الثابت.

ولذلك نظائر كثيرة، فكذلك ترك الراء من «تضار» ساكنة كما كانت تكون ساكنة لو خرجت على الإدغام المراد فيها. نعم، وإذا كان نافع قد قرأ: «ومحياى ومماتى» ساكن الياء من «محياى»، ولا تقدير إدغام هناك كان سكون الراء من لا تضار-وهو يريد تضارّ-أجدر.

وبعد هذا كله ففيه ضعف، ألا ترى أنك لو رحمت قاصا-اسم رجل-على قولك: يا حار لقلت: يا قاص، فرددت عين الفعل إلى الكسر لأنه فاعل، وأصله قاصص، فمن هنا ضعفت هذه القراءة وإن كان فيها من الاعتذار والاعتلال ما قدمنا ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>