للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَنْ يَأْتِيَكُمُ التّابُوتُ} (٢٤٨) ومن ذلك قال أبو بكر بن مجاهد: {التّابُوتُ} بالتاء قراءة الناس جميعا، ولغة للأنصار «التابوه» بالهاء.

قال أبو الفتح: أما ظاهر الأمر فأن يكون هذان الحرفان من أصلين: أحدهما «ت ب ت»، والآخر «ت ب هـ»، ثم من بعد هذا فالقول أن الهاء فى «التابوه» بدل من التاء فى «التابوت».

وجاز ذلك لما أذكره: وهو أن كلّ واحد من التاء والهاء حرف مهموس، ومن حروف الزيادة فى غير هذا الموضع. وأيضا فقد أبدلوا الهاء من التاء التى للتأنيث فى الوقف، فقالوا: حمزه، وطلحه، وقائمه، وجالسه. وذلك منقاد مطرد فى هذه التاء عند الوقف، ويؤكد هذا أن عامة عقيل فيما لا نزال نتلقاه من أفواهها تقول فى الفرات:

الفراه، بالهاء فى الوصل والوقف.

وزاد فى الأنس بذلك أنك ترى التاء فى الفرات تشبه فى اللفظ تاء فتاة وحصاة وقطاة، فلما وقف وقد أشبه الآخر الآخر أبدل التاء هاء، ثم جرى على ذلك فى الوصل، لأنه لم يكن البدل عن استحكام العلّة علّة فيراعى حال الوقف من حال الوصل ويفصل بينهما، فأشبه ذلك قولهم فى صبيان وصبية: صبيان وصبية؛ وذلك أن الأصل صبوان وصبوة، ثم قلب الواو ياء؛ استخفافا للكسرة قبلها، ولم يعتد بالساكن بينهما حاجزا لضعفه، ثم لما ضموا وزال الكسر أقروا الياء بحالها؛ جنوحا إليها لخفّتها، ولعلمهم أيضا أن البدل من الواو لم يكن عن استحكام علة فيعاودوا الأصل لزوالها، فلما تصوروا ضعف سبب القلب قنّعوا أنفسهم بالعدول إلى جهة الياء، فقالوا: صبيان وصبية، حتى كأن قائلا قال لهم: هلا لما زالت الكسرة راجعتم الواو فقالوا: أو كان القلب إنما كان عن وجوب أحدثته الكسرة حتى إذا فارقناها عاودنا الواو؟ إنما كان استحسانا، وكذلك فليكن مع الضمة أيضا استحسانا.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>