للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما} (٢٥٥) ومن ذلك ما روى عن الزّهرى والأعرج وأبى جعفر بخلاف عنهم: «ولا يووده حفظهما» بلا همز، ولم يقل: كيف قالوا؟.

قال ابن مجاهد: من لم يهمز قال: «يووده» فخلف الهمزة بواو ساكنة، فجمع بينها وبين الواو، فيجتمع ساكنان، فإن شاء ضمها فقال: «يووده». ومن ترك الهمز أصلا قال: «يوده».

قال أبو الفتح: خلّط ابن مجاهد فى هذا التفسير تخليطا ظاهرا غير لائق بمن يعتد إماما فى روايته، وإن كان مضعوفا فى فقاهته؛ وذلك أن قوله تعالى: {يَؤُدُهُ}، لك فيه التحقيق والتخفيف، فمن حقّق أخلصها همزة، قال: «يئوده» كيعوده، ومن خفّف جعل الهمزة بين بين؛ أى بين الهمزة والواو؛ لأنها مضمومة، فجرى مجرى قولك فى تخفيف لؤم: لوم، وفى مئونة: موونة، ولا يخلصها واوا لأنها مضمومة، فقوله: بلا همز، أى يخففها، كذا أحسن الظن بهؤلاء المشيخة.

فأما ترك الهمز أصلا فشاذ، وينبغى لمن هو دونهم أن يصان عن أن يظن ذلك به.

فقول ابن مجاهد: إنه يخلف من الهمزة واو ساكنة فيجتمع ساكنان شديد الاضطراب، وذلك أنه قد سبق أن سبيل هذا أن يخفّف ولا يبدل، وإذا كان مخفّفا، فالواو متحركة لا ساكنة؛ فلا ساكنين هناك أصلا. نعم، ثم لما قال: إنه يجتمع ساكنان لم يذكر ماذا يعمل فيهما؟ قال: وإن شاء ضمها فقال: «يووده». وهذا هو الذى ينبغى أن يعمل عليه، ولكن ينبغى أن يعلم أنه لا يضم الواو، بل الضمة على الهمزة، إلا أنها مخففة فقربت بذلك من الواو لضعفها مع ضمها.

وقوله فيما بعد: ومن ترك الهمز أصلا قال: «يوده» يؤكد ما كنا قدمناه من أن قوله:

لا يهمز إنما يريد به التخفيف لا البدل والحذف، ولولا ذلك لم يقل: ومن ترك الهمز أصلا، فقوله: «أصلا» يدل على أنه لا يريد التخفيف الذى كان قدّمه.

وبعد، فمن ترك الهمزة أصلا؛ أى: حذفها البتة كما يحذفها من قولهم: لاب لك، أى: لا أب لك، ومن قولهم: ويلمّه، وأصلها: ويل لأمه، ومن قولهم: ناس وأصلها أناس، والله فى أحد قولى سيبويه الذى أصله فيه إله، وغير ذلك، فإنه إذا هو حذفها بقيت بعدها الواو التى هى عين الفعل ساكنة فصارت: «يوده». ومثاله على هذا اللفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>