ابن عامر:«قالوا اتخذ الله ولدا» فى البقرة بغير واو و «بالزبر» و «بالكتاب» بإثبات الباء فيهما، فإن ذلك ثابت فى المصحف الشامى، وكقراءة ابن كثير:«تجرى من تحتها الأنهار» فى آخر براءة بزيادة «من» فإنه ثابت فى المصحف المكى ونحو ذلك، فإن لم يكن فى شئ من المصاحف العثمانية، فشاذ لمخالفتها الرسم المجمع عليه وقولنا:«ولو احتمالا» نعنى به ما وافقه ولو تقديرا ك «ملك يوم الدين» فإنه كتب فى الجميع بلا ألف، فقراءة الحذف توافقه تحقيقا وقراءة الألف توافقه تقديرا لحذفها فى الخط اختصارا كما كتب «ملك الملك».
وقد يوافق اختلاف القراءات الرسم تحقيقا نحو «تعلمون» بالتاء والياء و «يغفر لكم» بالياء والنون، ونحو ذلك، مما يدل تجرده عن النقط والشكل فى حذفه وإثباته على فضل عظيم للصحابة رضى الله عنهم فى علم الهجاء وفهم ثاقب فى تحقيق كل علم، وانظر كيف كتبوا «الصراط» بالصاد المبدلة من السين وعدلوا عن السين التى هى الأصل؛ لتكون قراءة السين، وإن خالفت الرسم من وجه قد أتت على الأصل فيعتدلان، وتكون قراءة الإشمام محتملة، ولو كتب ذلك بالسين على الأصل لفات ذلك، وعدت قراءة غير السين مخالفة للرسم والأصل؛ ولذلك اختلف فى «بسطة» الأعراف دون بسطة البقرة لكون حرف البقرة كتب بالسين والأعراف بالصاد، على أن مخالف صريح الرسم فى حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به، ووردت مشهورة مستفاضة، ولذا لم يعدوا إثبات ياء الزوائد وحذف ياء «تسئلنى» فى الكهف وواو «وأكون من الصالحين» والطاء من «بطنين» ونحوه من مخالفة الرسم المردودة، فإن الخلاف فى ذلك مغتفر؛ إذ هو قريب إلى معنى واحد، وتمشية صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول، بخلاف زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرفا واحدا من حروف المعانى، فإن حكمه فى حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم ومخالفته.
قال: وقولنا: «وصح إسنادها» نعنى به أن يروى تلك القراءة العدل الضابط عن مثله، وهكذا حتى ينتهى، وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم.
قال: وقد شرط بعض المتأخرين التواتر فى هذا الركن ولم يكتف بصحة السند، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأن ما جاء مجئ الآحاد لا يثبت به قرآن.
قال: وهذا مما لا يخفى ما فيه، فإن التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرسم وغيره؛ إذ أن ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النبى صلى الله عليه وسلم وجب قبوله وقطع بكونه قرآنا، سواء وافق الرسم أم لا، وإذا شرطنا التواتر فى كل حرف من حروف الخلاف، انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن السبعة.
وقد قال أبو شامة: شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن السبع كلها متواترة، أى كل فرد فرد فيما روى عنهم، قالوا: والقطع بأنها منزلة من عند الله