للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك قرأ أيضا نعيم بن ميسرة، وقرأ أبو حيوة شريح بن يزيد: «فبهت»»، بفتح الباء وضم الهاء. والقراءة العامة: {فَبُهِتَ}.

قال أبو الفتح: زاد أبو الحسن الأخفش قراءة أخرى لا يحضرنى الآن ذكر قارئها، لم يسندها أبو الحسن: «فبهت»، بوزن علم. فتلك أربع قراءات.

فأما «بهت» قراءة الجماعة فلا نظر فيها.

وأما «بهت» فبمنزلة خرق وفرق وبرق، وأما «بهت» فأقوى معنى من بهت؛ وذلك أن فعل تأتى للمبالغة كقولهم: قضو الرجل إذا جاد قضاؤه، وفقه إذا قوى فى فقهه، وشعر إذا جاد شعره. وروينا عن أبى بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى: أن العرب تقول: ضربت اليد: إذا جاد ضربها. وكذلك بهت: إذا تناهى فى الخرق والبرق والحيرة والدّهشن.

وأما «بهت» فقد يمكن أن يكون من معنى ما قبله، إلا أنه جاء على فعل كذهل ونكل وعجز وكلّ ولغب، فيكون على هذا غير متعد كهذه الأفعال.

وقد يمكن أن يكون متعديا ويكون مفعوله محذوفا، أى: فبهت الذى كفر إبراهيم عليه السلام.

فإن قيل: فكيف يجوز على هذا أن يجتمع معنى القراءتين؟ ألا ترى أن بهت قد عرف منه أنه كان مبهوتا لا باهتا، وأنت على هذا القول تجعله الباهت لا المبهوت.

قيل: قد يمكن أن يكون معنى قوله: بهت أى رام أن يبهت إبراهيم عليه السلام إلا أنه لم يستو له ذلك، وكانت الغلبة فيه لإبراهيم عليه السلام.

وجاز أن يقول: بهت، وإنما كانت منه الإرادة، كما قال جلّ وعزّ: {إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}، أى: إذا أردتم القيام إليها. كقوله: {فَإِذا قَرَأْتَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>