الشئ الذى يدعوهم إليه، ويحملهم عليه هو: رغبتهم فى أخذه ومحبتهم لتناوله. فكأنه- والله أعلم-إلا أن تسوّل لكم أنفسكم أخذه فتحسّن ذلك لكم، وتعترض بشكه على يقينكم حتى تكاد الرغبة فيه تكرهكم عليه.
ويزيد فى وضوح هذا المعنى لك ما روى عن الزهرى أيضا من قراءته:«إلاّ أن تغمّضوا فيه»، أى: إلا أن تغمّضوا بصائركم وأعين علمكم عنه؛ فيكون نحوا من قوله:
إذا تخازرت وما بى من خزر …
وهو معنى مطروق، منه قول الله تعالى:«فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ». وجاء به بعض المولدين فقال:
خالد اللّؤم أمغض … أنت؟ لا بل متغاضى
وآخر ذلك قول شاعرنا:
تصفو الحياة لجاهل أو غافل … عما مضى منها وما يتوقّع
ولمن يغالط فى الحقائق نفسه … ويسومها طلب المحال فتتبع