ومن ذلك ما رواه ابن مجاهد عن أبى زيد عن أبى السّمّال: أنه كان يقرأ: «ما بقى من الرّبو»، مضمومة الباء ساكنة الواو.
قال أبو الفتح: فى هذا الحرف ضربان من الشذوذ.
أحدهما: الخروج من الكسر إلى الضم بناء لازما.
والآخر: وقوع الواو بعد الضمة فى آخر الاسم، وهذا شئ لم يأت إلا فى الفعل نحو يغزو ويدعو ويخلو، فأما «ذو» الطائية التى بمعنى الذى نحو قوله:
لأنتحيا للعظم ذو أنا عارقه …
فشاذ، وعلى أن منهم من يغير هذه الواو إذا فارق الرفع. فيقول: رأيت ذا قام أخوه، ومررت بذى قام أخوه.
وسألت أبا على عن حكاية أبى زيد «فعلته من ذى إلينا». فقال: أراد من الذى إلينا.
فقلت: فهذا يوجب عليه أن يقول من ذو إلينا.
فقال-وهو كما قال-: قد تغير هذه الواو فى النصب والجر، وعلى أن ذو هذه لما كانت موصولة وقعت واوها حشوا فأشبهت واو طومار، كما أشبهت عند صاحب الكتاب ياء معد يكرب ياء دردبيس.
والذى ينبغى أن يتعلّل به فى الرّبو بالواو هو أنه فخّم الألف انتحاء بها إلى الواو التى الألف بدل منها على حد قولهم: الصلاة والزكاة، وكمشكاة، وكقولهم: عالم وسالم وسالف وآنف. وكأنه بيّن التفخيم فقوى الصوت فكان الواو أو كاد، إلا أن الراوى أبو زيد، وما أبعده مع علمه وفقهه باللغة من أن تتطرق ظنّة عليه فى تحصيل ما يسمعه.
فإن قلت فلعله شبه ذوات العلة بذوات الهمز فوقف على الواو، كما قالوا: هو الرّدو والبطو. قيل: هذه الواو إنما تكون مع الهمزة فى هذا الكلو ومررت بالكلى فى موضع