وكما أضمر المصدر مجرورا أعنى الهاء فى إليه-يعنى إلى السفه-كذلك أيضا أضمره مرفوعا بفعله.
***
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}(١٤٦) ومن ذلك قراءة ابن محيصن والأشهب والأعمش: «وكأى»، بهمزة بعد الكاف ساكنة، وياء بعدها مكسورة خفيفة، ونون بعدها، فى وزن كعى.
قال أبو الفتح: فيها أربع لغات: كأىّ، وكاء، وكأى، وهى هذه القراءة، وكاء فى وزن كع.
ثم اعلم أن أصل ذلك كله «كأىّ»» فى معنى كم كأكثر القراءة، «وكأى من قرية»، وهى أىّ دخلت عليها كاف الجر، فحدث لها من بعد معنى كم، ولهذه الكاف الجارة حديث طويل فى دخولها وفيها معنى التشبيه، وفى دخولها عارية من التشبيه، نحو كأن زيدا عمرو، وله كذا وكذا درهما، وكأىّ من رجل. ثم إنها لما كثر استعمالها لها تلعبت بها العرب كأشياء يكثر تصرفها فيها لكثرة نطقها بها، فقدّمت الياء المشددة على الهمزة فصارت كيّإ بوزن كيّع، ثم حذفت الياء المتحركة تشبيها لها بسيد وميت، فصارت «كئ» بوزن كيع، ثم قلبت الياء ألفا وإن كانت ساكنة، كما قلبت فى ييئس فقيل: ياءس، فصارت كاء بوزن كاع.
وذهب يونس فى «كاء» إلى أنه فاعل من الكون، وهذا يبعد؛ لأنه لو كان كذلك لوجب إعرابه، إذ لا مانع له من الإعراب.
وأما كأى بوزن كعى فهو مقلوب كئ الذى هو أصل كاء، وجاز قلبه لأمرين: