للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ}، والغرض فى جميعه الكثرة، لا ما هو لما بين الثلاثة إلى العشرة.

وكان أبو على ينكر الحكاية المروية عن النابغة وقد عرض عليه حسان شعره، وأنه لما صار إلى قوله:

لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحا … وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

قال له النابغة: لقد قللت جفانك وسيوفك.

قال أبو على: هذا خبر مجهول لا أصل له؛ لأن الله تعالى يقول: {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ}، ولا يجوز أن تكون الغرف كلها التى فى الجنة من الثلاث إلى العشر.

وعذر ذلك أنه قد كثر عنهم وقوع الواحد على معنى الجميع جنسا؛ كقولنا: أهلك الناس الدينار والدرهم، وذهب الناس بالشاة والبعير. فلما كثر ذلك جاءوا فى موضعه بلفظ الجمع الذى هو أدنى إلى الواحد أيضا، أعنى الجمع بالواو والنون والألف والتاء، نعم وعلم أيضا أنه إذا جئ فى هذا الموضع بلفظ جمع الكثرة-لا يتدارك معنى الجنسية، فلهوا عنه، وأقاموا على لفظ الواحد تارة ولفظ الجمع المقارب للواحد تارة أخرى؛ إراحة لأنفسهم من طلب ما لا يدرك، ويأسا منه، وتوقفا دونه. فيكون هذا كقوله:

رأى الأمر يفضى إلى آخر … فصيّر آخره أولا

ومثل الجمع بالواو والنون والألف والتاء مجيئهم فى هذا الموضع بتكسير القلة، كقوله تعالى: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}.

وقول حسان:

<<  <  ج: ص:  >  >>