للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفتح: ينبغى أن يكون رفعه بالابتداء والخبر محذوف، دل عليه ما تقدمه من قوله سبحانه: {إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}، أى وأرجلكم واجب غسلها، أو مفروض غسلها، أو مغسولة كغيرها، ونحو ذلك. وفد تقدم نحو هذا مما حذف خبره لدلالة ما هناك عليه، وكأنه بالرفع أقوى معنى؛ وذلك لأنه يستأنف فيرفعه على الابتداء، فيصير صاحب الجملة. وإذا نصب أو جرّ عطفه على ما قبله، فصار لحقا وتبعا، فاعرفه.

***

{وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} (١٢) ومن ذلك قراءة عاصم الجحدرى: «وعزرتموهم»، خفيفة.

قال أبو الفتح: عزرت الرجل أعزره عزرا: إذا حطته وكنفته، وعزّرته: فخّمت أمره وعظمته، وكأنه لقربه من الأزر وهو التقوية معناه أو قريبا منه، ونحوه عزر اللبن وحزر: إذا حمض فاشتد، فانظر إلى تلامح كلام العرب واعجب.

***

{قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ} (٢٣) ومن ذلك قراءة سعيد بن جبير ومجاهد: «قال رجلان من الّذين يخافون»، بضم الياء.

قال أبو الفتح: يحتمل أمرين: أحدهما: أن يكون من المؤمنين الذين يرهبون ويتّقون لما لهم فى نفوس الناس من العفة والورع والستر، وذلك أنه من كان فى النفوس كذلك رهب واحتشم وأطيع وأعظم؛ لأن من أطاع الله سبحانه أكرم وأطيع، ومن عصاه امتهن وأضيع.

والآخر: أن يكون معناه من الذين إذا وعظوا: رهبوا وخافوا، فإذا أتاهم الرسول بالحق أطاعوا وخضعوا، أى ليس ممن يركب جهله ولا يصغى إلى ما يحد له، فيكون

<<  <  ج: ص:  >  >>